ولكن اليوم سنتكلم عن حرب الهنود والمغول وكان الفريقان يُرجعان أنفسهم للإسلام
يعد تيمورلنك من أعظم قادة العالم العسكريين, وتعد جيوشه من أضخم الجيوش التي عبرت مسافات شاسعة في سبيل إخضاع أمم الأرض كلها لحكم رجل واحد, ولقد اجتمع لتيمورلنك من الحيلة والدهاء والقدرة على الخداع ما لم يجتمع لقائد عسكري غيره. يبدو ذلك واضحاً من خلال دراسة سلسلة معاركه المتلاحقة مع أمم مختلفة كالمغول والهنود والفرس والعرب والترك والسلافيين. وبمناسبة الحديث عن الفيلة في الحرب سأتناول نموذجاً غريباً من استخدام الفيلة في القتال وطريقة ردعها وتفاديها من خلال تذكر إحدى المعارك التي حدثت في عام 1397م بين التتار والهنود. كان فيروز شاه سلطاناً على الهند . وعندما كان تيمورلنك يهم باحتلال بلاد الشام بلغه نبأ موت فيروز شاه وتشتت بلاده بعد موته, فرأى في ذلك فرصة مناسبة لضم الهند بحجمها الكبير إلى ملكه بعد تشتت شملهم . فعاد مسرعاً إلى الهند ليغتنم هذه الفرصة.في تلك الأثناء تولى ” ملو” وزير السلطان فيروز شاه مُلكَ الهند , وبدأ بلم شمل الممالك المتفرقة وإخضاع أمرائها ووزعمائها واحداً بعد الآخر. وقد وفق الوزير”ملو” في ذلك إلى حدما, ولكن لفترة قصيرة جداً إذ لم يمهله تيمورلنك حتى باغته في بلاده عازماً على إخضاع “ملو” وكامل ملكه.عندما علم ملو بنيّة تيمورلنك قام بجمع جيوشه من كل ممالك الهند واستدعى أمراءها وفرسانها فاجتمع له جيش ضخم يفوق الوصف حتى ظن أنه بهذا العدد الهائل من الجند المسلمين والهندوس سيرد بأس تيمورلنك وجمعه فأعد العدة وعبأ الجيوش وحشد ثمانمائة فيل على كل واحد من هذه الفيلة برج ضخم يضم أمهر رماة الرماح . وقد رُبط إلى خرطوم كل فيل سيفٌ صارم يلوح به , وعُلّقت في رقبة كل واحد من هذه الفيلة أجراسٌ كبيرة تصدر صوتاً قوياً منفراً.وقد بلغ خبر الفيلة تيمورلنك فاحتال لذلك حيلة عجيبة , لقد طلب تيمورلنك من صناعييه أن يصنعوا له حسكاً شوكياً مثلث الأضلاع رؤوسها كأنها السكاكين, فصنعوا له الآلاف منها قبل بدء المعركة. وعندما تعبّأ الجيشان واحتشدا للقتال كان تيمورلنك قد رمى هذا الحسك الشوكي ونثره بين جنوده فلم يعلم الهنود من أمره شيئاً.وأمر مقدمة جيشه وفرسانه أن يقاتلوا جيش الهنود وفرسانهم وفيلتهم حتى إذا اصطدموا بالفيلة أظهروا الإنهزام وولوا مدبرين. وهذا ما حدث فقد قاتل التتار قليلاً ثم أظهروا الهزيمة أمام الفيلة فظن الهنود أن خيول التتار قد جفلت وأن جنودهم قد خافت من الفيلة فأتبعوهم مسرعين , وعندما انكشف التتار عن أرض المعركة والفيلة تطاردهم لم تشعر تلك الفيلة إلا والحسك يمزق أيديها وأقدامها. فصاحت صياحاً شديداً واضطربت ورمت الأبراج عن ظهرها وارتدت هاربةً نحو أصحابها. وإتماماً في المكيدة جهز تيمورلنك نحو خمسمائة جمل محملة بالصوف والقطن والدهن, حتى إذا ما عادت الفيلة إلى أصحابها وهدأت أطلق التتار الجمال نحو الفيلة بعد أن أشعلوا النار في القطن الذي على ظهرها, ومن شدة حرها ولسع نارها رغت الجمال رغاء عجيباً وهاجت حتى إذا ما رأتها الفيلة وهي مشتعلة ورغاؤها يصل السماء فزعت وهاجت وجفلت ثانية وولت هاربة تدوس بأقدامها ما يواجهها من جنود الهنود. ثم أطبق تيمورلنك بجنوده وكمائنه على جيش الهنود وقاتلهم قتالاً عنيفاً كاد أن يقضي به على كل جنود الهنود. ومع حلول الظلام كان تيمورلنك قد حقق فوزه المؤكد وقهر زعماء الهند فخضعت ممالكها كلها له وأحرق مدينة دلهي فلم تقم لها قائمة مدة مائة وخمسين عاماً.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا لديك اي استفسار يمكنك التواصل معنا